[ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ] واژه «ظلام» صیغهی مبالغه و به معنی «بسیار ظلم کننده» است و صیغهی مبالغه دلالت بر کثرت میکند. قاعده این است که از نفی چیزی به صیغهی مبالغه اصل آن چیز نفی نمیشود، بلکه فقط کثرت آن نفی میشود و احتمال وجود اصل آن بر قرار است.پس وقتی که ظلم به صیغهی مبالغه از خداوند نفی شده آیا معنا این است که ـ العیاذ بالله ـ خداوند متعال زیاد ظلم نمیکند ولی امکان دارد که کم ظلم کند؟
الجواب باسم ملهم الصواب
جواب اول: در این جا آوردن صیغهی مبالغه برای نفی کثرت نیست، بلکه برای نفی اصل ظلم است.
توضیح آن که: آوردن صیغهی مبالغه برای تطبیق با کثرت مخلوقات و به عبارت دیگر با کثرت آحاد مظلومان است. یعنی او تعالی بر هیچ یک از مخلوقات بی شمار خود اصلا ظلم نمیکند. باز به عبارت خلاصهتر میتوان گفت: این مبالغه به اعتبار کمیت است، نه به اعتبار کیفیت.
جواب دوم: لفظ «ظلام» محض برای نسبت است. مثل عطار که مطلقا به دارو فروش میگویند و به او عاطر نمیگویند و عادتا برای نسبت دادن به کار اصلیاش از صیغهی مبالغه «عطار» استفاده میکنند. اینجا هم نفی نسبت ظلم به جانب خداوند متعال بدین معنی است که او تعالی ذاتی است که اصلا امکان نسبت دادن ظلم به او نیست.
جواب سوم: نفی کثیر خود مستلزم نفی قلیل است؛ زیرا قلیل خود در کثیر داخل است.
جواب چهارم: نفی یک چیز برای مبالغه به دو معنی و مقصد به کار میرود: گاهی برای نفی اصل آن چیز به کار میرود و گاهی برای نفی کثرت آن. هرجا که نسبت خداوند متعال به کار رفته باشد، مراد نفی اصل است. پس وقتی که میفرماید:«لیس بظلام للعبید» یعنی این که او تعالی اصلا ظلم نمیکند.
عبارات المفسرین:
ـ فی تفسیر روح المعانی:
(ظلام) بإعتبار الكمية لا الكيفية وبأنه إذا إنتفى الظلم الكثير إنتفى القليل لأن من يظلم يظلم للإنتفاع بالظلم فإذا ترك كثيره مع زيادته نفعه في حق من يجوز عليه النفع والضر كان لقليله مع قلة نفعه أكثر تركا وبأن (ظلام) للنسب كعطار أي لا ينسب إليه الظلم أصلا وبأن كل صفة له تعالى في أكمل المراتب فلو كان تعالى ظالما سبحانه لكان ظلاما فنفى اللازم لنفي الملزوم وأعترض بأنه لا يلزم من كون صفاته تعالى في أقصى مراتب الكمال كون المفروض ثبوته كذلك بل الأصل في صفات النقص على تقدير ثبوتها أن تكون ناقصة وأجيب بأنه إذا فرض ثبوت صفة له تعالى تفرض بما يلزمها من الكمال والقول بأن هذا في صفات الكمال دون صفات النقص إنما يوجب عدم ثبوتها لا ثبوتها ناقصة وسيأتي إن شاء الله تعالى تتمة الكلام في هذا المقام.([1])
ـ وفی تفسير المظهري:
الظلم فى اللغة وضع الشيء فى غير موضعه المختص به اما بنقصان او بزيادة واما بعدول عن وقته او مكانه وذلك غير متصور من الله تعالى لانه يستلزم التصرف فى غير ملكه بغير اذن المالك او على خلاف ما امره به والله سبحانه لو عذب اهل السموات والأرض بغير جرم منهم لا يكون ذلك ظلما لانه المالك على الإطلاق يتصرف فى ملكه كيف يشاء فالظلم المنفي فى هذا المقام ليس بمعناه الحقيقي بل أريد هاهنا فعله تعالى بعبده ما يعد ظلما لو جرى فيما بينهم وان لم يكن ذلك ظلما لو صدر منه تعالى ونفى الظلم بهذا المعنى ليس بواجب عليه سبحانه بل هو مبنى على الفضل وجاز ان يقال معنى الاية ان عدم انتقام الأنبياء من الذين قتلوهم وظلموهم وكذبوهم فى صورة الظلم على الأنبياء وذلك وان لم يجب على الله تعالى فى ذاته لكن مقتضى فضله على الأنبياء الانتقام من أعدائهم وتعذيبهم.([2])
ـ وفی تفسیر الشعراوی:
وهنا وقفة لخصوم الإسلام من المستشرقين، هم يقولون: الله يقول في قرآنهم {وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ}، وكلمة “ظلام” هي مبالغة في كلمة “ظالم”، ففيه “ظالم”وفيه”ظلاّم”، و “الظَّلاّم” هو الذي يظلم ظلماً قوياً ومتكرراً؛ فـ “ظلاّم” هي صيغة مبالغة في “ظالم”.
وحين نرد عليهم لا بد لنا أن نعرف أن صيغ المبالغة كثيرة، فاللغويون يعرفون أنها: فعّال، فعيل، مفعال، فعول، فَعِل، فظلاَّم مثلها مثل قولنا: “أكَّال”، ومثل قولنا: “قتَّال” بدلاً من أن نقول:”قاتل” فالقاتل يكون قد ارتكب جريمة القتل مرة واحدة، لكن الـ “قتَّال” هو من فعل الجريمة مرات كثيرة وصار القتل حرفته. ومثل ذلك “ناهب”، ويقال لمن صار النهب حرفته: ” نَهَّاب ” أي أنه إن نهب ينهب كثيراً، ويعدد النهب في الناس.
وهذه تسمى صيغة المبالغة. وصيغة المبالغة إن وردت في الإثبات أي في الأمر الموجب فهي تثبت الأقل، فعندما يقال: “فلان ظلاّم” فالثابت أنه ظالم أيضاً، لأننا ما دمنا قد أثبتنا المبالغة فإننا نثبت الأقل. ومثل ذلك نقول: “فلان علاّم”أو”فلان علاّمة” فمعنى ذلك أن فلاناً هذا عالم. ولكن إذا قلنا: “فلان عالم” فلا يثبت ذلك أنه “علاّمة”. فصيغة المبالغة ليس معناها “اسم فاعل” فحسب، إنها أيضاً اسم فاعل مبالغ فيه، لأن الحدث يأتي منه قوياً، أو لأن الحدث متكرر منه ومتعدد. فإذا ما أثبتنا صفة المبالغة فمن باب أولى تثبت صفة غير المبالغة, فإذا ما قال واحد: “فلان أكّال” فإنه يثبت لنا أنه آكل، هذا في الإثبات.
والأمر يختلف في النفي. إننا إذا نفينا صفة المبالغة تثبت الصفة التي ليس فيها مبالغة من باب أولى. أما إذا نفيت صفة المبالغة فلا يستلزم ذلك نفي الصفة الأقل.
والتذليل للآية التي نحن بصددها الآن هو [وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ].
يفهم المستشرقون من هذا القول أنه مجرد نفي للمبالغة في الظلم, لكنها لم تنف عنه أنه ظالم ولم يفهم المستشرقون لماذا تكون المبالغة هنا: إن الحق قد قال: إنه ليس بظلاَّم للعبيد، ولم يقل إنه ليس بظلام للعبد. ومعنى ذلك أنه ليس بظلام للعبيد من أول آدم إلى أن تقوم الساعة، فلو ظلم كل هؤلاء – والعياذ بالله – لقال إنه ظلام، حتى ولو ظلم كل واحد أيسر ظلم. لأن الظلم تكرر وذلك بتكرر من ظُلِم وهم العبيد، فإن أريد تكثير الحديث فليفطن الغبي منهم إلى أن الله قال: } وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ { ولم يقل إنه ليس بظلام للعبد.
وإذا كان الظالم لا بد أن يكون أقوى من المظلوم، أذن فكل ظلم يتم تكييفه بقوة الظالم. فلو كان الله قد أباح لنفسه أن يظلم فلن يكون ظالماً؛ لأن عظم قوته لن يجعله ظالماً بل ظَلاَّما.
فإن أراد الحدث فيكون ظلاماً، وإن أردنا تكراراً للحدث فيكون ظلاماً. وحين يحاول بعض المستشرقين أن يستدركوا على قول الحق: } وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ {فهذا الاستدراك يدل على عجز في فهم مرامي الألفاظ في اللغة أو أنّ هؤلاء يعلمون مرامي الألفاظ ويحاولون غش الناس الذين لا يملكون رصيداً لغوياً يفهمون به مرامي الألفاظ. ولكن الله سبحانه وتعالى يُسخر لكتابه من ينبه إلى إظهار إعجازه في آياته.
وبعد أن انتهى الحق من غزوة أُحُد، فهو سبحانه يريد أن يقرر مبادئ يبين فيها معسكرات العداء للإسلام: معسكر أهل الكتاب، ومعسكر مشركي قريش في مكة، ومعسكر المشركين الذين حول المدينة وكانوا يغيرون على المدينة.
فبعد غزوة أُحٌد التي صفّت، وربّت، وامتحنت وابتلت، وعرّفت الناس قضايا الدين، أراد الحق بعدها أن يضع المبادئ.
فأوضح القرآن: أن هؤلاء أعداؤكم؛ تذكروهم جيداً، قالوا في ربكم كذا، ويقولون في رسولكم كذا، وقتلوا أنبياءكم.([3])
([1]) روح المعانی فی تفسیرالقرآن العظیم والسبع المثانی/ج2/ص355/رقم الآیة: 182، سورة آل عمران/دارالکتب العلمیة، بیروت: الطبعة الثانیة.
([2]) تفسیرالمظهری/ج2/ص188/رقم الآیة: 182، سورة آل عمران/ داراحیاءالتراث العربی، الطبعة الأولی.
([3]) تفسیر الشعراوی/ج3/ص1913/رقم الآیة:182، سورة آل عمران.
و الله اعلم بالصّواب